مانفع العلم لدينا إن كنا نستثمره في صنع الغباء؟

سعيدة مليح
ظلمت نفسي حين أردت تجاوز مدى العزيمة
المكبوتة بالصمت,لا روح لها سوى حروف منثورة على الورق الأبيض كرسم مخملي مجهول
الهوية,مبعثرة على ملامح قوية قادرة على نطق الهفوات الماضية في مسار الكلام
المقبوض على الجمر.
الغباء الثقافي بات شيء منثورا بين جل العقول
الواعية,الشابة منها قبل الناضجة,إذ أننا أصبحنا في زمن الكل فيه يلوم الآخر على
جهله وتخلفه عن مسار النجاح,لا أحد يبعث اللوم لذاته ,الكل يسعى للتمرد على الآخر
وليس فيهم من حاول يوما التمرد على نفسه,الكل يحسب أنه محاط بأحصنة السلطة
السياسية حسب ما تمليه المخيلة الخاصة به,الكل
بات محللا سياسيا بامتياز,خائضا في مسيرة النقد,أملنا لو كان نقدا بناء,بل هو نقد
كل حرف فيه قابع في اتجاه.
في مجتمعنا يا أكثر من هم ينتقدون تطبيق شيء
هو في الأصل ليس سوى قانونا منزل على أرض الواقع,لكن من في زماننا يطلع على القوانين,إن
كان حتى أغلب طلاب كلية العلوم القانونية في حد ذاتهم جاهلين به.
في واقع الأمر الكل قابع في ضفاف نفسه
ومعتقداته وآراءه,بثنا في عصر لا نؤمن فيه إلا بما تربينا عليه ولو كان الخطأ فيه
ينطق بصوت مسموع,وبتنا نحتكم لتقاليد عمياء غبية في واقعنا,إذ أننا أغلقنا تفكير
العقول لدينا بل وقفنا أمام اشتغاله بالمرصاد.. نحتكم ل"تخاريف جهل" مرسومة
بخط أحمر عريض, ظاهرة للعيان أنها كتلة غباء وجهل ,بتنا نضحك على الزمان بغبائنا
الثقافي والاجتماعي..,الكل يريد المناقشة وإخراج اللسان بأعاصير لوم ,وإعلاء
الشعارات وحتما لا أحد يبادر بالعمل والتغيير,إلا من رحم ربي.
نصدق خرافات عاث عليها الزمان,وطوتها أيام
الجاهلية الماضية,واضعيها أناس كانوا قابعين في جهل مبين لا علم لهم سوى ما أوتوه
على يد الفقهاء,ومن فقيه إلى فقيه تضيع العبارات ويتشتت التركيز,غباءنا أصبح ركيزة
وصلت حتى لديننا في بعض المرات,لتتعالى من أفواه بعضهن فتاوى تشمئز لها النفس,لا
صلة تربطها بالدين الإسلامي,طغينا على أنفسنا, بثنا نحيي الماضي الكئيب غير قادرين
على نبذ البدع وإخراج الدين للتطبيق.
قلبي يحرقني على مجتمعي الطيب ,الذي يمارس
طقوسه الموروثة بجهل وبدون استقصاء,بعفوية الأغبياء دون سؤال ولا أدنى تفكير.
سؤال هنا يراودني: ما نفع العلم إذن إن لم
نستثمره في المفيد؟إن لم ندعمه باليسير من التفكير البسيط؟
لم لا نحتكم لحروف أبجدية العلم في إغلاق سقف
التفاهات التي تعلو مجتمعنا بوضوح,مثلا في يوم عاشوراء بات يخاف الرجال من عبثية
الجهل لدى بعضهن من النساء..سحر وشعوذة,وعادات بالية تستعاد,الأيادي تلطخ بالحناء
والعقول بالغباء,بأي طين عجن لديهن فن الجهل يا ترى؟
نعم هناك من النساء من جُعل لديه التخلف فن
تتميز فيه بعضهن عن الأخريات,هذا بخور وتلك ضفدعة ميتة وليأكل الرجال سم الجهل من
أيادي النساء الناعمة.
الغريب في كل هذا الأمر أنني بحثت عن أصل بعض
العادات(البدع) لدينا لأصدم بأنها بوذية أو نصرانية أو يهودية...ليتكرر السؤال
مانفع العلم لدينا إن كنا نستثمره في صنع الغباء؟


0 التعليقات