نهاية سوداء لحكاية وردية



لم يعد في القلب سوى برهة صبيب من الأمل الأحمر المعطر بحنان زمان ولَى مع الأيام العابرة واندثر..لم يعد ما يحتمل توقعات المعيشة في ظل الضوضاء الغريبة المقحمة جدار العنف الغريب..
مر زمان المنطق المصوب بعطر العقل البشري المحكم، مرت أيام العاطفة الهوجاء النابعة من قلب صادق ومشاعر حقيقية..وجاء زمن كثرت فيه المصائب والمشكلات..زمن يطبل للمنافقين الكاذبين ويمضي بلا اكثرات فوق جثث الأبرياء.
كانت تحبه، أحبت به نظرة عيونه السوداء وحدة شخصيته، وجدية ملامحه، دعاها لعلاقة عاطفية مجهولة المدة والمصير فردت بالإيجاب بفرحة عارمة تنتشي مع كل نفس يخرج في الزفير ..استجابت لدعواته في الخروج والتسكع في الشوارع الفارغة إلا من عاشقين لهم نفس المصير يمضون في نفس اللعبة القذرة .
عرفت الأم بذلك فتحدتها وباقي العائلة، بات الكل كاذب ملعون في ناظرها وصدقته هو فقط، بات في نظرها طاهر ملاك، هو اللذي لا يملك عملا ولا إيواء ولا كرامة يقتات على السرقة والنصب والإحتيال، وهذا هو الشيء الذي غاب عن فكرها إذ أنها بحبه فقدت القدرة نهائيا عن التفكير بالعقل، كل ما تمضي نحوه هو مشاعر مزيفة يقتات داخلها على أمل العيش .
مضت ثلاث سنوات على هاته العلاقة فقدت فيها القدرة على التركيز في الدراسة فتوالت سنوات السقوط والفشل والنقط الكارثية السوداء، تغيرت فيها العلاقة مع أهل البيت فالكل في رأيها بات ضد مصلحتها يهيم في عالمه وفق آرائه الخاصة التي لا تلبي طموح رغباتها المعكوسة في عالم مزيف المشاعر، مشتت التركيز، فمضت وفق ما يمليه عليها حبيبها الكاذب وعقلها الغير الناضج، إذ أنه أصبح مغيب الوعي .
غاب عنها لمدة تقرب من الشهر، وظلت كمجنونة تائهة بلا وجهة محددة في الحياة، تتصل مرارا وتكرارا ولا من مجيب يشفي غليل لهفتها العطشى، فسكنت نفسها وتقوقعت على ذاتها المهجورة الحزينة، أحست بطعم الألم والبعد، فقد كان لها الحب الذي يملئ عنها حياتها الفارغة من العاطفة والبعيدة عن صدق الإيمان .
فجاء اليوم المنتظر بالنسبة لها، فاقت من سباتها على الرنة المخصصة لرقمه المسجل في قلبها قبل هاتفها، فأجابت بكلام مطول وعتاب قصير مصحوب بشوق ولهفة كبيرين، ليرد عليها بصوت متعوب عليه، كممثل خبير يخادعه بكلامه فتحسبه حقيقة، صوت هادئ وناعم، أوهمها بأنه مريض وأنه كان في غيبوبة مطولة، فطلبت العنوان، وذهبت لزيارته بدون أدنى تفكير .
ذهبت فتاة في مقتبل العمل وخرجت إمرأة مثقلة بحمل السنين من الهموم، ذهبت لزيارة عاشق مريض فلم ترى سوى ذئب بشري هائج، كل ما يرى جسم مفعم بالأنوثة، نهش العذرية والبراءة، نهج كثل الإحساس والمشاعر المتبقة، دخلت فتاة فخرجت فتاة أخرى لا تشبه الأولى أبدا .
وكأنه سنين العلاقة التي جمعت ما بينهم لم تكن سوى توطئة للوضع الحالي، كان فقط يريحها إلى أن تصبح له بثقة عمياء وتصديق لا منتهي .
لم تفكر يوما في نهاية كهاته وظلت بعد الواقعة مصدومة، تمضي بلا وجهة ولا مسار، لتجد نفسها تبكي بحرقة أمام قبر جدتها في مقبرة مظلمة قريبة من بحر هائج بأمواجه ورياحه المكتنزة بعبير الزمان المختلط ما بين الطالح والصالح، باتت تفكر في إقامة حد صارم لأيامها وفعلا توجهت نحو البحر وانتهت القصة بموت البطلة .


بطلة تمثل كل فتاة غبية تمضي في عالم الحب دون أدنى وعي ولا تفكير في الأمور بعقلانية ناضجة، نهاية تنتظر كل من ساومت عليها نفسها المضي قدما في علاقة مجهولة الهوية والرسم، غير محددة الملامح والطريق، نهاية مفترضة كتابة لكن ما أكثرها في واقعنا المرير، نهاية خاطئة لكن لا مجال للتفكير في أخرى مع موت البراءة والعذرية والأنوثة والطفولة، غاب كل شيء قبلها وطغت القسوة والألم، فكان المصير محطم .

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات: