كيف أصبح كاتبا بارعا؟
سؤال لطالما أردت جوابا عليه,بحث كثيرا ,سألت كتابا,صاحبت أقلاما,فلم أصل إلى جواب مقنع إلا حين صاحبت نفسي, وأزحت قناع الظروف والمسافات على وجهي, وأطلقت العنان لأناملي لتكتب دون خوف, دون أغلال وبدون قيود, تجردت من براثن روح الإلهام داخلي.
سهل جدا أن تأخد ورقة وتخط فيها خربشات قلبك الندي,أن تشكل كلمات تعبر بها عن ذاتك وعن الأنا الأخرى المرادفة لروحك ,لأنه كما قال “رالف والدو امرسون” “يبدو أن الكاتب الجيد هو الذي يكتب عن نفسه، و عينه دائما على الخيط الرفيع الذي يمر عليه و على الأشياء”..
لكن هل فكرت يوما لم تكتب؟
أنا مثلا أكتب لأتحدى ذاتي, لأعرفها, لأتصالح معها لأحب شخصي وأتقرب من غيري, وكما أقول دائما بالكتابة أهرب من نفسي وبها أعرف نفسي,أو كما سبق وقال قبلي “جون ديديون” “أكتب حتى أعرف كيف أفكر”.
وأنت لم تكتب؟
ألتخط حروف قلبك فقط؟ ألترسم جروح أيامك؟أم فقط لتفرغ فضول إلهامك على الورق؟وتثير شغف أناملك للتخطيط بلا هدف بلا روح وبلا مسؤولية؟
نعم الكتابة أكبر مسؤولية,بها نصنع الفكر,ونقيم صروح المجد,ونبني نهضة الأمة.
لم تكتب؟ فكر مليا ..لا أريد منك جوابا بعبثية الأطفال,ولا بعقل الكبار ,لّأني ا أسئل عقلك المبدع
نعم فالعقل مبدع …قال أستاذي “ابراهيم الفقي” رحمه الله إن عقل الإنسان يستوعب قدرا كبيرا جدا من المعلومات,فكيف نحد نحن من طاقته الإستعابية؟ ,إذن ما عليك إلا أن تحاول جاهدا البحث عن هاته المعلومات من ضفاف وأروقة الكتب وتأخدها بنهم وشغف فضولي لاكتساب العلم بروح القراءة المتفحصة..اقرأ ,حلل وناقش الأفكار مع عقلك ثم اكتب .
وضف المعلومات في حروف والحروف في كلمات والكلمات في فقرات والفقرات في مقالات وكتب ومجلدات..هكذا تبدأ نهضة الكتابة.
لا تحد أبدا من عقلك ,لا تحطم نفسك أبدا .
إن فكرت في الكتابة لا تتردد أبدا..لا تخف إطلاقا ..اكتب…خربش ..ارسم الحروف..اصنع روحا صاحبها بروحك..ابني سلما اصعد به لتحقق طموحك..أطلق الفرصة للإبداع..حين تريد الكتابة لا تقفل أبواب خيالك..كن مجنونا حين تمسك قلما ..فالجنون بداية الإبداع ..وأساس الفن ..وبداية حب الحروف تبدأ باللامعقول..اصنع شيئا لا يصدق من الحروف تقول الكاتبة المجنونة بحب الأدب “نتاليا جزلد برغ” ” انتظر حتى تكون جائعا لتقول شيئ ما ,انتظر حتى تشعر بالألم الذي يجعلك تتحدث”..اجعل من فن الجنون في الكتابة إذن انطلاقتك..لا تكن شحيحا في اللغة..تعلم فن الكرم من الأدب.
إليك نصيحة يا من تحب الكتابة ؟
تخيل أن الورقة البيضاء هي صديقتك الوفية,المخلصة,أتخفي شيء من أسرارك عن صديقتك؟كيف تطيعك مشاعرك على التستر؟كيف تستطيع مصاحبة الصمت في جلسة الصداقة؟
اجعل من الورقة صديقتك إذن,بح إليها بما يختلجك من مشاعر وأحاسيس,إشكي إليها كل همومك ,لا تحاول إخفاء شيء عنها ..ولا تلبس قناعا..فالكتابة بحر من الوضوح, تحدث إلى ورقتك,ناقشها..حاورها بأسلوبك اللغوي الخاص..
أتدري أنني حين أكون حزينة أبكي كتابة, وحين أحس فرحا أطير لأرسم طائرا بالحروف, أصنع جناحا بالكلمات.
الكتابة بالنسبة لي تمثل الدواء الشافي لجروح روحي, إنها الطبيب النفسي الوحيد الذي يجعل مني بركان راحة, وأنفاس كلام, وعطر مشاعر..
فما هي بالنسبة إليك؟
بالنسبة لي الكتابة شيء سامي ومقدس..نعم مقدس
كيف لا وأول ما خلق من أشياء على هاته البسيطة كان “قلما”,وأول كلمة زلت في الوحي كانت “اقرأ” إنها رسالة إذن من خالق الأكوان جل علاه.
أحب الكتابة… مدمنة أنا لها ..لا بل عاشقة,لأنه بعد أن ضاقت علينا قلوب البشر لم أجد سوى مساحة الورق,للتعبير عن ذاتي ,ولفضفضة أشواقي..
وأنت ؟؟




0 التعليقات