حدوثة نون
سعيدة مليح
نثرت اليوم على الجدار
تفاصيلا لقصة لم تبدأ, رسمت لها النهاية بأعين عقل متجلط, غير واعي, متفكر بلا منطق,
وكأن جحود العالم تجمع في أزمنة النقش, فلا الألوان ساندتني ولا الحبر أجاد تشكيل لغتي.
كانت البداية, حيث
كلما ندرت الأضحية للنهاية تجلت نقطة البدأ وكأنها وميض أمل بلا أمل متشكل على نقيض
الزمن المنبثق فوق معالم البسيطة, وكأن الإنسان بلا هوى يهوى, وما شئت يوما لعبة الهوان.
سيتشكل الفجر يوما
خلف تلك التلال المنادية لفتاة البادية بعصاها المزكرشة في يديها النحيلة وكأنها راعية
غنم فوق السحاب, تبحث عن نقطة ما بعيدا عن لعنة الفاصلة, تنمت في فصول محو الأمية فتعلمت
أن الألف خطا مستقيم والقاف من الحلق ينطق وكأن الحق لا يأتي إلا كالضمير من داخل الفؤاد
في شهقة الأيام الغير خالدة.
فاح أنين الصبح جاهرا
بصلاة فجر وسفر إلى المدينة, لم تكن الرحلة في ذلك القطار السيئة خدماته بأفلاطونية
الملامح, فرائحة العرق كانت تسود وصوت ذلك الدين الرومي كان كالطنين قاعرا جوف الأذن,
وكانت هي مغمضة العين حول الشباك لا نائمة, تحتسي نبيذ المسافة الطويلة كحاملة آمال
لا تفيض, ليقف القطار بلا وجهة محددة في عقلها النامي, استقلت سيارة صغيرة عرفت أنها
"تاكسي" فأخدها لساحة كبيرة قبالتها مبنى فخم, حروف إسمه لا يستوي في لسانها
الناضج على فصول محو لا منتظمة في قريتها النائية, فمشاكل اللآم المصاحب مع النون لا
يستويان سوى على ألسن معتادة لمنهجية الأمر, ما إن فتحت عين عقلها حتى سمعت آذانها
هول أصوات نون صاخبة في الأرجاء فشكرت حظها وتمتمت في خاطرها "صوتي سيكون له صدى
في الأرجاء فيدي لوحدها لا صدى لها ومع الجماعة تكتمل الأمنية" فنادت كما ينادون
بصوت أعلى من صوتها, طالبت بالحرية, بالديمقراطية, إقرار الحقوق الكاملة للنساء, وطالبت
بوطن نزيه, بتعليم نزيه, وبعض أمنيات أخرى مبعثرة لم تفهمها لكنها تبعت القطيع
فقالتها مقلدة غير مستوعبة, أفرغت داخلها وصمتت لبرهة من الزمن لاحساسها بالتعب لا
بالاستسلام, ثم أخرجت عينيها كمقتول مستغرب للطعنة, لتعرف مليا أن 8 مارس يوما للنساء,
فحملت حذائها في يدها وفرت هاربة وهي تردد في ذهول "اللعنة, اللعنة فأنا في السنة
كاملة مركونة في القرية ويوم واحد لا يعنيني, تبا, خدوا يومكم ودعوا باقي السنة لي..."



0 التعليقات